كيرو ابن البابا عضو نشط
كيف تعرفت علينا : ما هي ديانتك : هل تؤمن بان المسيح هو ابن الله ؟ : العمر : 46 19/06/1978 عدد المساهمات : 17 تاريخ التسجيل : 07/04/2012 https://same.ahladalil.com
| موضوع: بطاركة صنعوا تاريخا الخميس أبريل 12, 2012 6:49 pm | |
| بطاركة صنعوا تاريخا (3)
البابا كيرلس الرابع (110)
أبو الإصلاح بين الانتماء الوطني والقيادة الكنسية
القمص روفائيل سامي
تثمر دائما أرض مصر بالخير فهي أرض البركة والسلام والأمان فترابها يحمل بين ذراته تاريخا ناصعا مكتوبا بمداد من ذهب يسطر بطولات وأمجادا لها ثقافات مختلفة تعبر عن أفكار وشخصيات عرفها التاريخ المصري من خلال روح الانتماء الوطني. في واحد من نجوع مصر العليا وبالتحديد نجع أبو زرقالي التابع لقسم صوامعة سفلاق والتي يطلق عليها الصوامعة الشرقية بأخميم ولد داود توماس بشوت الذي اعتني به والده وعلمه القراءة والكتابة والحساب وغرس فيه روح الحب الذي يجمع بينه وبين جيرانه بصرف النظر عن الدين أو الجنس واختلط معهم وتعلم ركوب الخيل وفن الفروسية وكان مشاركا لهم في السراء والضراء محبا عطوفا علي الكل, ومن شدة تعلقه بالقراءة اعتكف علي قراءة الكتب المقدسة وأخبار القديسين فتشبع منها بحياة النسك والرهبنة. ولما بلغ الثانية والعشرين أراد أن يذهب إلي الدير للرهبنة فمنعه أبوه لاحتياجه إليه ولكن في عام 1838 ذهب إلي البرية الشرقية وترهبن في دير القديس الأنبا أنطونيوس بعد هروبه من العالم حبا في حياة النسك علي يد رئيس الدير القس أثناسيوس القلوصني الذي لمس فيه الذكاء والحب والوداعة والمحبة الكبيرة نحو إخوانه الرهبان الذين أحبوا فيه الاتضاع والشهامة وروح الولاء للدير والكنيسة ووصل خبره إلي البابا بطرس السابع المعروف بالجاولي واستدعاه في حضور الأنبا صرابامون الشهير بأبو طرحة ومنحاه البركة وتنبأ له بمستقبل عظيم. وبعد مرور سنتين من وجوده بالدير تنيح رئيس الدير واختير لتدبير أمور الدير كرئيس له في عهد البابا بطرس السابع الذي منحه هذه الرتبة والتي كانت نقطة الانطلاق له وإظهار مواهبه المتعددة فحرص علي وضع نظام رهباني شديد النسك وقام بكثير من الإصلاحات وتدعيم المعلومات الثقافية لهم كما عكف هو علي دراسة اللغة العربية نحوا وصرفا فصار من المهتمين بنشر التعليم والثقافة في كل مكان يصل إليه واضعا مبدأ أن الجهل يقود الأمة إلي الظلام. القمص داود يرمم مسجدا كان دائما يذهب إلي مقر دير الأنبا أنطونيوس في بوش التابعة لمحافظة بني سويف والمعروف بعزبة الدير إلي وقتنا هذا. وفي أثناء مروره وجد في طريقه مسجدا متهدما فتقابل مع إخوانه المسلمين ولام عليهم هذا وشرع في مساعدتهم لترميمه واهتم أن يخصص مكان في العزبة للقراءة والاطلاع لينهض بالثقافة العلمية والأدبية والدينية والتاريخية ليستنير الجميع. كما فتح مدرسة (كتابا) لتعليم الأولاد القراءة والكتابة واللغتين القبطية والعربية فغيرته الوطنية علي أولاد وطنه كانت أسبق منه إلي تنفيذ المشروعات الثقافية التي يستفيد منها كل أبناء مصر فهو مؤمن أن الإنسانية هي قبول الآخر واحترام رغبته وثقافته فعمل مجاهدا ومقاتلا من أجل وحدة النسيج المصري بعيدا عن التدخل الأجنبي الذي كان دائما يبحث عن خلق المشاكل والمتاعب له في مصر وخارجها سواء بالإشاعات المدمرة أو بالوشايات عند الوالي لاستبعاده عن كرسي البطريركية. وكان أمام كل الأحداث المؤسفة التي تعرض لها طويل البال هادئ الطباع إلي أن شاءت العناية الأهلية وأجمع الكل علي رسامته مطرانا في عام 1853 باسم الأنبا كيرلس. منذ هذا التاريخ بدأ في تنفيذ مشاريع كبري يستفيد منها أبناء مصر كان أولها بناء أول مدرسة لتعليم الشباب وهي مدرسة الأقباط الكبري التي قيل أنه أنفق عليها 600 ألف قرش مما حفز كبار القوم علي اختياره للبطريركية في 17 يونيه 1854 ليكون البابا العاشر بعد المائة في تعداد بطاركة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في عهد عباس الأول الذي مات بعد الاحتفال برسامة البابا كيرلس الرابع بأيام قليلة. ومنذ تولي قداسته كرسي البطريركية عمل علي توسيع القاعدة الثقافية في البلاد والعمل علي الارتقاء بالوطن والمواطن والأسرة التي وضع معايير للخطوبة والزواج فيها وجاهد علي تدعيم الأعمال الثقافية والدراسية باختيار المدرسين الصالحين للعملية التعليمية ووفر الكتب وأدوات الدراسة بالمجان لكل من يطلب العلم ويجاهد في سبيله فكان يزور حجرات التدريس ويناقش ويقف علي كل صغيرة وكبيرة موفرا مجالا أكبر لأبناء الوطن في المعرفة والثقافة لذلك أنشأ مدرسة أخري جديدة في حارة السقايين لتكون قريبة من مساكن الطلبة موفرا لهم الوقت والمجهود وكان متابعا لها بنفسه كما كان يشجع علي التفوق بإقامة حفل سنوي يحضره كبار القوم يقوم فيه بتوزيع الجوائز التشجيعية علي الطلبة المتفوقين والذين كان من أبرزهم عبدالخالق باشا ثروت رئيس وزراء مصر في العشرينيات من القرن الحالي وكان يتمني أن تتنوع مصادر العلم والمعرفة في المدارس ليرتفع المستوي التعليمي في مصر. في عهده أقام 12 مدرسة منها مدرسة للبنات فكان أول من نادي بتعليم البنات إيمانا منه بأن الأم مدرسة ويجب أن يتوفر لديها العلم والمعرفة وشئون المنزل فجعل التدبير المنزلي من طهي ونسيج وخياطة وتطريز وبعض أعمال الخدمة الطبية من أهم الدروس بالمدرسة وفتح مجالا لدراسة الكتب الكنسية والألحان أسند مهمتها إلي القمص تكلا بكنيسة مارمرقس بالأزبكية, وأنشأ مكتبة كبيرة في دار البطريركية بالأزبكية جمع فيها عددا كبيرا من المخطوطات والكتب وأشهر السجلات التي جمعت بين العلم والمعرفة والثقافة الدينية والوطنية ومن أهم إنجازاته في الإصلاح التعليمي والثقافي هو استحضار مطبعة لطبع الكتب الدراسية والثقافية قيل أنه كلف صديقه رفلة عبيد الرومي بشرائها من إيطاليا وكان يوم وصولها إلي ميناء بولاق عيدا وطنيا احتفلت به كل مصر ومن ولاء البابا كيرلس لوطنه مصر جعله يجاهد من أجل أن يستخدم التاريخ المصري (القبطي) في الدواوين والحسابات المصرية وبالفعل استجابت الحكومة وتم استخدامه في 7 يوليو 1855 الذي استمر حتي أول ديسمبر عام .1857 مواقف وطنية للبابا كيرلس من خلال حبه لمصر وتبديد فكر التفرقة بين أبناء الوطن الواحد ولا سيما الشباب فحدث عندما تولي سعيد باشا الحكم واجهته مشاكل متعددة منها الجيش والتجنيد, فجعل التجنيد إجباريا علي كل المصريين. وسن نظاما للاقتراع يدعي بموجبه كل المصريين بلا فارق بينهم لحمل السلاح حتي الأقباط, ورحب البابا كيرلس بهذا ليكون القبطي مواطنا لأخيه المسلم ويكون هذا مبررا لرفع الجزية التي كانت تدفع بدعوي الدفاع عن المسيحيين, وإن كان الأقباط قد خافوا ووقعوا ضده في هذا, إلا أنه استمر في موقفه وشجع سعيد باشا علي هذا, ليكون للمسيحي شرف الجندية وشرف المواطنة كمصري, كما تدخل لحل الخلاف بين الحكومتين المصرية والحبشية بسبب تعيين الحدود بينهما وهذا كان بإيعاز من السلطان عبدالمجيد العثماني الذي أوصي سعيد باشا خديوي مصر بأن يرسل بطريرك الأقباط إلي بلاد الحبشة لحل الخلاف وبالفعل ذهب في مهمة رسمية من قبل الدولة ونجح في حل الخلاف وعاد إلي مصر واستقبل استقبالا عظيما. وفي النهاية وبعد جهاد طويل سطره التاريخ لرجل من رجالات مصر المخلصين كان مجاهدا ومحبا لوطنه وملتزما بأن يضع مصر فوق الجميع ناشرا في ربوعها النهضة الثقافية والمحبة الوطنية. تنيح البابا كيرلس في ليلة الأربعاء 30 يناير 1861 بعد مدة بطريركية استمرت قرابة 7 سنوات عاصر فيها عباس الأول وسعيد باشا تاركا لمصر ثقافة ومعرفة وإصلاحا اجتماعيا وولاء وطنيا.. عزيزي.. هذا جزء بسيط أردت أن أسطره من أعمال واحد من باباوات الكنيسة القبطية التي لا تزال تحتفظ بمصريتها ووطنيتها وحبها لكل المصريين. المصادر: تاريخ الكنيسة القبطية للقس منسي يوحنا- تاريخ الأمة القبطية ليعقوب نخلة روفيلة- وطنية الكنيسة القبطية- مواقع مختلفة علي الإنترنت.
| |
|